مقال قديم يحكي واقع معاصر .....
لم يبق على رمضان إلا ثلاثة أو أربعة أيام فقط، والكل تقريبا بدأ يرسل التهاني بمناسبة هذا الشهر الفضيل، وأغلب الناس استعدوا وتجهزوا لهذا الشهر، فالمصاحف نشرت وجهزت، والمصليات أعدت وفرشت للمصلين القائمين والطعام المخصص لهذا الشهر ملأ الثلاجات، بل إن بعض الناس رتب جدوله من حيث الزيارات واللقاءات العائلية والاجتماعية وغيرها من الاستعدادات والتجهيزات...
لكن السؤال المهم الذي يجب ألا نغفل عنه... هل حقا سندرك رمضان؟!! وهل نضمن صيامنا لهذا الشهر المبارك؟!!
قد يبدو السؤال غريبا عند البعض لكنه واقعي ومنطقي إذا تأملنا فيه!! ففي هذه الأيام القادمة سيقبض الله أرواحا ربما تبلغ العشرات في مجتمعنا الصغير، فهل ضمنا أننا لن نكون منهم؟!!
لعلي أكون أحدهم ولعل أحد القارئين لمقالي سيكون منهم، ولعل أحد أحبابنا أو أقربائنا سيكون ممن اختاره الرب عز وجل قبل دخول الشهر، وإنما الأعمال بالنيات.
إن تيقننا بإدراكنا للشهر نوع من طول الأمل، ولو فكر الواحد منا أن أكثر الميتين في هذه الأيام كانوا مستعدين للشهر وربما كانوا مستعدين للعيد بعده!! ولكن إذا نزل القدر فلا مفر منه {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [سورة الأعراف: 34].
إن غروب الشمس علينا ليلة رمضان ونحن أحياء موحدون ناوون لصيام رمضان وقيامه يعد نعمة عظيمة من الرب عز وجل، ولهذا يطلب المؤمنون الصادقون من ربهم وبقلوبهم أن يدركوا هذا الشهر، فإذا أدركوه طلبوا من ربهم بصدق وإخلاص أن يعينهم على صيامه وقيامه، ولن يستطيع أحد صيام الشهر وقيامه إلا بالاستعانة بربه عز وجل، والمؤمن يقول من قلبه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [سورة الفاتحة: 5].
شياطين الجن ومردتها ستحبس في هذا الشهر لإعانة المؤمنين على طاعة ربهم، ولكن شياطين الإنس من سيوقفها؟!
إذا كان البعض لا يراعي مشاعر المسلمين ولا يخاف من ربه قبل هذا ولم يبق لديه شيء من الحياء فلابد أن يردعه قانون أو سلطان!!
فأصحاب القنوات الفضائية مطالبة بالتوقف عن المجون والتعري والابتذال خصوصا في هذا الشهر وما بعده مطلوب أيضا.
وأصحاب الجرائد والمجلات مطالبون بالكف عن عرض الصور الخليعة التي لا هدف من ورائها إلا الإثارة الجنسية وللأسف.
وأصحاب الأقلام مطالبون بالالتزام بالأخلاق الشرعية وعدم الخوض في ما لا يجوز الخوض فيه على الأقل في هذا الشهر.
وأصحاب المقاهي مطالبون بعدم عرض شاشات الطرب والغناء والمسلسلات التي تتنافى مع أخلاق الصائمين في هذا الشهر.
ومن يرد أن يروج لبضاعته أو سلعته بصورة يضعها في طريق أو مجمع تجاري أو وسيلة نقل عام فليتق الله ولا يضع من الصور ما يخدش به صيام الصائمين وقيام القائمين.
وأصحاب الفنادق والمنتجعات والمعاهد الصحية مسئولون أمام الله عن نشاطاتهم وبرامجهم وما يحدث في أماكنهم خصوصا في هذا الشهر وغيره من الشهور.
فليتقوا الله في المسلمين وليعلموا أن النعم تزول بالمعاصي والذنوب.
أما إذا لم يستجب هؤلاء وغيرهم ويخافوا من ربهم عز وجل ويحترموا هذا الشهر ومكانته فلابد للدولة أن يكون لها دور وأرجو أن تنبه لجنة الظواهر السلبية (المباركة) الوزارات المعنية لتقوم بدورها في إلزام المستهترين باحترام هذا الشهر واحترام المسلمين وشعائرهم ولعل بعض الناس يردعه السلطان إن لم يرتدع بالقرآن والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم
الشيخ نبيل العوضى